التعويض عن الحبس التعسفي … نص دستوري لكنه غير قانوني!! للمستشار/ د. صالح عبدالله المرفدي

رواها 360:

#تمهيد:
في سابقه قضائيه فريدة من نوعها، أصدرت المحكمه الجزائية في (ذمار)، حكم على النيابه العامه، بدفع مبلغ مليون ونصف ريال يمني، لمجموعة متهمين بعد برأتهم، كما قضت بدفع عشره الف لكل متهم، عن كل يوم تاخير بالافراج عنهم.. وعلى هذا الأساس، طرحت بعض التساؤلات نفسها  على مسألة، جواز أو عدم جواز الحكم على الشرطه أو النيابه، بدفع التعويض للمحجوز أو المحبوس، بعد ثبوت وقوع الظلم عليه بحجزه أو حبسه تعسفيًا؟؟؟



       وللاجاية على هذا التساؤل الهام لابد من التأكيد، أن أخطر الإجراءات التي يمكن أن تمس الحق في الحرية، هو الأمر بوضع المتهم رهن الحبس المؤقت أثناء مدة التحقيق، فكثیر ما يحدث أن یوضع أشخاصا رهن الحبس المؤقت، ثم تصدر حقهم أحكاما بالبراءة؛ لعدم توفر الأدلة الكافة لإسناد الجريمة إلیهم، وكذا الأمر بالنسة للنيابة التي تصدر قرارات بالا وجه لاقامة الدعوى الجزائية.

     ومن هذا المنطلق، تعالج هذة الدراسة المتواضعه المختصرة، الحبس المؤقت والغير مبرر قانونا، ومدى امكانية الحصول على التعويض في خمسة محاور: نتناول في الأول مدلول التعسف بالحبس الاحتياطي، ونتطرق في المحور الثاني لموقف فقهاء الشريعة الاسلامية، ونستعرض في الثالث موقف التشريعات العربية وكذا موقف التشريعات والاتفاقيات الدولية، ونتحدث في المحور الرابع لموقف التشريعات اليمنية، ونختم الدراسة ببعض المقترحات والتوصيات المتواضعة.

#المحور الاول: مدلول التعسف بالحبس الاحتياطي وشروطة:
– اولا: مدلول التعسف بالحبس:
قد يتعرض بعض الناس للحبس غير المشروع، سواءً کان ذلك بالخطأ أو العمد، وذلك من قبل السلطة أو الغير.. ولذلك يمكن أن نعرّف الحبس غير المشروع الموجب للتعويض بأنه: “الحبس الذي وقع مخالفاً لأسس القبض والحبس الاحتياطي المنصوص عليه في القانون، والذي ينتهي معه التحقيق بالأمر الاداري بحفظ الأوراق، أو باصدار قرار قضائي من النيابة، بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية، أو صدور حكم قضائي من المحكمة ببراءة المحکوم عليه”. وبشکل أدقّ: “هو الذي ستقوم معه المسؤولية التقصيرية؛ للإخلال بواجب شرعي أو قانوني، وهو الالتزام بعدم الإضرار بالآخرين”.

    وعلى هذا الاساس، فإن الحرية شيء ثمين وتتضح قيمتها عندما تتقيد بدون مسوغ قانوني، فهي تتعلق بكرامة الإنسان وتمثل مصدر قيمة له، ولا يمكن تبرير تقييد الحرية إلا في حالات المصلحة العامة للمجتمع، لذا فإن معيار تطور المجتمع يعتمد على حمايته للحريات والحقوق والضمانات التي يعطيها لأفراده وفق التشريع، إذ إن اعتقال الفرد هو أحد المواضيع المهمة المتعلقة بالحقوق والحريات، ويعد من أخطر الإجراءات التحقيقية التي تهدد الحرية الشخصية التي تعتبر حقاً طبيعياً يضمن للشخص حق التنقل.

     ويجب الأخذ بالحسبان، أن التعسف في الحبس الاحتياطي، يختلف تماماً عن فعل الحجز بدون مسوغ قانوني، فالأول فعلاً مشروع طبقًا للقانون من حيث الأصل، وتمارسه جهات مختصة قانونًا.. أما الثاني عكس ذلك، ويعتبر جريمة نصت عليها جميع القوانين العقابية، كالتشريع اليمني الذي نص عليه في جرائم التعريض للأشخاص (م167)، أو الحجز على الحرية (م246)، أو إعداد سجن خاص (م247). علاوة على ذلك، فإن الجهات المختصة بالحبس الاحتياطي، منحها القانون من حيث الأصل ممارسة هذا الحق، إلا أنها تعسفت، أو تجاوزت في استعماله، بعكس الحجز بدون مسوغ قانوني، فلا جهة مختصة تمارسه، ولا شروط، ولا ضوابط قانونية تحكم تصرفاتها.

– ثانيا: شروط الحبس الاحتياطي:
ولكي نعلم بأن الحبس كان غير مبرر قانونياً أو تعسفياً، يجب أن نتطرق لأهم ماتناولة قانون الاجراءات الجزائية من شروط واجراءات للحبس الاحتياطي، حيث نظّم الفصل السابع اجراءات الحبس، فنصت المــادة (184) على أن الحبس االحتياطي يكون وفق القيود الاتية: أولها/ أن لا يكون الا بعد استجواب المتهم وفقا للقانون. ثانيا/ أن يكون في حالة هربه اذا رؤي ذلك لمصلحة التحقيق أو لمنعه من الهرب. ثالثا/ أن يكون خشية تاثيره على سير التحقيق. اضافة الى ذلك، اشترطت نفس المادة توافر الشروط الاتية:
1 – وجود دلائل كافية على الاتهام.
2- أن تكون الواقعة المتهم فيها جريمة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ستة اشهر، أو اذا لم يكن للمتهم محل اقامة معروف بالجمهورية، متى كانت الجريمة معاقب عليها بالحبس!
3 – أن يكون المتهم قد تجاوز الخامسة عشر من عمره.
4 – في حال تعذر تحديد هوية المتهم .

   واشترط القانون في كل الاحوال، وجوب أن تسمع أقوال المتهم الهارب الذي صدر الامر بحبسه احتياطيا قبل مضي اربع وعشرين ساعة من وقت القبض عليه .كما حددت المــادة (186) الجهة المخولة القانونية للحبس وهي النيابة العامة، مع وجوب توافر البيانات القانونية اللازمة لأمر الحبس وفق ما ذكرته تلك المادة، بالاضافه الى أن يكون أمر الحبس مكتوباً ومحددًا لتاريخ عرض المتهم على السلطة الأمرة بالحبس للبت في أمره. كما اشترطت المــادة (188) من نفس القانون، وجوب إيداع المتهم المنشاة العقابية بناء على أمر الحبس، وصرحت المــادة (189) بأن أمر الحبس الصادر من النيابة لا يكون نافذ المفعول، الا لمدة السبعة الايام التالية للقبض على المتهم، أو تسليمه اليها اذا كان مقبوضا عليه من قبل، واجازت المــادة (190) للنيابة اذا رأت مد الحبس الاحتياطي، فوجب عليها قبل انقضاء مدة السبعة الايام، أن تعرض الاوراق على القاضي المختص ليصدر أمر بما يراه بعد سماع اقوالها واقوال المتهم، وللقاضي مدّ الحبس لمدد متعاقبة، بحيث لا يزيد مجموع مدد الحبس على خمسة واربعين يوما .وعالجت المــادة (191) مسألة في حال لم ينته التحقيق رغم انقضاء مدة الحبس االحتياطي المذكورة في المادة السابقة، فوجب على النيابة عرض الاوراق على محكمة استئناف المحافظة، لتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة والمتهم بمد الحبس مددًا متعاقبة، بحيث لا تزيد كل منها على خمسة واربعين يوما، اذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، أو التقرير بالافراج عن المتهم بضمانة أو بدون. ومنحت المادة (193) الحق لكل من قيدت حريته في أن يقدم في أي وقت لمدير المنشاة العقابية شكوى كتابية أو شفهية، ويطلب منه تبليغها للنيابة العامة، وعلى من قدمت اليه الشكوى قبولها وتبليغها الى النيابة.

#المحور الثاني: موقف الشريعة الاسلامية:
بحث العلماء عن حكم الحبس بتهمة فى الشريعة الإسلامية، حيث اتفقوا فى بعضها، بينما اختلفوا فى البعض الاخر، ونذكر فيما اتفقوا أولا، ثم نذكر فيما اختلفوا ثانيا:

– اولا: المسائل المتفق عليها
1 – الاتفاق على منع الحبس؛ إذا كانت التهمة بالظنون: فيجوز الحبس أن يكون ظناً غالباً أو علماً مؤكدًا. يقول الإمام العز ابن عبد السلام، وهو يتحدث عن هذه المسألة: “لايليق بالشريعة السهلة السمحة، أن يخلد المسلم فى الحبس بظن ضعيف”. أما إن قويت التهمة وزاد الظن إلى ان أصبح غالبا فللإمام الحبس.
2 – الاتفاق على منع الحبس؛ إذا لم يوجد من ورائه فائدة: وفي هذا الخصوص يقول سيدنا علي كرم الله وجهه: “إنما الحبس حتى يتبين للإمام، فما حبس بعد ذلك فهو جور”. وما ذلك إلا لخلوه عن الفائذة المطلوبة من الحبس، فالحبس وسلية لتحقيق غرض، وليس هو غرض بحد ذاته.
3 – الاتفاق على أنه لايحبس بالتهمة أهل الفضل؛ إن كان التهم لهم من أهل الشر والرذالة. 

– ثانيا: المسائل المختلف عليها فيها:
اختلف الفقهاء فى حبس المتهم، إن كان مستور الحال غير معروف لابفض ولابفسق، فهل يجوز حبسه وتقييد حركته بالتوقيف والحجر؟ وفي هذا  قولان للعلماء:

– القول الاول: لجمهور الفقهاء:  فذهبوا إلى أنه يجوز حبس المتهم، حتى يتمكن الوالى أو القاضى من الكشف والإستبراء  والبحث حوله،واستدلوا لما رواه الترمذى والنسائى: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً فى تهمة دم”، وفى رواية: “ساعة من نهار ثم خلى سبيله”. يقول الشوكانى فى ذلك: “وقد حبس النبى صلى الله عليه وسلم فى التهمة ولافرق بين تهمة وتهمة”.

– القول الثاني: لابن حزم القائل بمنع الحبس للتهمة: واستدلّ على ذلك، بقولة تعالى: (إن الظن لايغنى من الحق شيئا). ومن ثم فأن الحبس بالتهمة من قبيل الظن، وهو لايغنى من الحق شيئا.

     والراجح والله أعلم: قول الجمهور؛ لقوة أدلتهم و وضوحها فى المسألة، وأن الأحاديث صحيحة الإسناد، وأنها قوية فى الدلالة على جواز الحبس بالتهمة. ويمكن كذلك الإستدلال بآية قرآنية دلّت على جواز الحبس، بل صرحت به. قال تعالى فى حق الشاهدين: (تحبسونهما من بعد الصلاة)، فإن ذلك دليل على حبس من وجب عليه الحق. ويقول “ابن القيم الجوزى” فى معنى الحبس الوارد فى الآية: “ليس المراد هنا السجن الذى يعاقب به أهل الجرائم، وإنما المراد به إمساكهما لليمين بعد الصلاة، كما يقال: “فلان يصبر لليمين، أى يمسك لها”.

     وفي المحصلة: فإن موقف الشريعة في الحبس التعسفي، يقاس على مسألة التعويض عن الغصب؛ لأن کلاً من الاستيلاء على شخص عن طريق الغصب والاستيلاء عليه عن طريق الحبس، تعطيل لمنافعه واستيلاء عليها، وقد ترجح لدى الفقهاء وجوب التعويض عن الحبس، إذا کان بغير حق مطلقاً، سواءً أستغل الحابس المحبوس أم لم يستغله، لأن تفويت المنفعة و وقوع الضرر على المحبوس متحقق، بمجرد حصول الحبس، سواءً کان عن طريق المباشرة أو التسبب، وسواءً عن طريق العمد أو الخطأ.. وكان لكتاب الله عزّ وجل، السبق في تكريم الانسان وتفضيله وعدم الاضرار به، عملاً بقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَني آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الاسراء/70. كما أن أحاديث الأثر للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كثيرة، وتؤكد بعدم الاضرار بالانسان، وأهمها الحديث المشهور: “لاضرر ولا ضرار في الاسلام”.

#المحور الثالث: موقف التشريعات العربية والاتفاقيات الدولية:
– اولا: موقف التشريعات العربية:
كان لقانون الإجراءات الجزائية الجزائري، السبق في التعديل الوارد في المادة (١٣٧)، والتي اشارت الى التعويض العادل في الاستيقاف أو الحجز  أو الحبس التعسفي، وتبع ذلك التعديل في قانون الإجراءات الجنائية المصري في المادتين (٥٦٢ و ٥٦٣). كذلك نص التشريع العراقي، الى تعويض المتهم أو المدان، من خلال الايام الذي يقضيها في الحبس، متجاوزًا  ماهو محدد في الدستور، فقد يبقى المتهم دون أن يتم التحقيق معه واثبات براءته من عدمها، وبعد ذلك تظهر براءته من التهمة المنسوبة اليه، ويظهر أن حبسه وتقييد حريته كان غير مبرر.. وحرصًا على ذلك، كان من الواجب قانونًا، استحقاقه للتعويض ماديًا ومعنويًا.

– ثانيا: موقف الاتفاقيات الدولية:
أقرّت التشريعات الدولية، ومنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، مبدأ التعويض والضمان في القضايا والمحاكمات الجنائية، تحت قاعدة (جبر الضرر) للمشتبه به أو المتهم. حيث نصت المادة 9 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على الآتى:
1 – لكل فرد حق فى الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفًا ولا يجوز حرمان أحد من حريته؛ إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقًا للإجراء المقرر فيه. ويتوجب إبلاغ أى شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه، كما يتوجب إبلاغه سريعًا بأية تهمة توجه إليه.
2 – يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعًا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونًا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يُحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة!
3 – لكل شخص حُرِمَ من حريته بالتوقيف أو الاعتقال، حق الرجوع إلى محكمة لكى تُفصل هذه المحكمة دون إبطاء فى قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانونى. و لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانونى حق فى الحصول على تعويض!

#المحور الرابع: موقف التشريعات اليمنية:
بالعودة الى الدستور اليمني، فقد نصت المادة (٤٨) منه وبجميع فقراتها، على عدم جواز القبض أو الحجز أو التفتيش أو المراقبه إلا وفقًا للقانون، وذكر البند الأخير صراحة، ضمان مخالفة هذة الفقرات بالنص الاتي: “يحدد القانون عقاب من يخـالف أحكام أي فقره من فقرات هذه المادة، كـما يحـدد التعويض المناسب عن الأضرار، التي قد تلحق بالشخص من جراء المخالفة”.

      أما القوانين اليمنية، فيتضح أنها لم تنص صراحة على مسائل التعويض على التعسف بالحبس الاحتياطي من قبل الجهات المختصة، إلا أن القانون المدني باعتباره الأساس العام للتعويض عن الاضرار لأي فعل كان، ومنها النص العام للمادة (٣٠٤)، الذي أكّد على لمن لحقه ضرر الحق في رفع دعوى التعويض عن هذا الضرر.  في الوقت الذي كان من المستحسن على المشرع اليمني، النص على مسائل التعويض عن الحبس والحجز التعسفي في القانون الخاص بذلك، وهو (قانون الإجراءات الجزائية)، سواءً كان هذا الحبس صادرًا من قبل الشرطه أو النيابة؛ طالما وأن ضمانات التعويض قد تم النص عليها دستوريًا كما أشرنا اليه أنفا.

        وحرياً بنا التطرق الى موضوع، التعويض عن أي أضرار، ترتبت على أصدار الاحكام القضائية الجزائية، والتي نصت عليها المادتين (٤٦٥ و ٤٦٦ إجراءات يمني)، على اعتبار أن البعض قد يعتقد أنها نص قانوني كافي، لارساء مبدأ التعويض عن الحبس الاحتياطي التعسفي.. وللرد على هذا الاعتقاد، نؤكد، أن هذة المادتين تحدثتا عن حاله عامه، وهي التعويض عن الاضرار المترتبة عن الاحكام القضائية الصادرة من المحاكم الجزائية، ولم تتناولا حالة الحبس الاحتياطي التعسفي بشكل خاص، سواءً كان صادرا من الشرطة أو النيابة أو المحكمة نفسها، وأن من يعتقد بجواز الاجتهاد والقياس في هذة المسائل، فقد جانبة الصواب، طالما وأن القانون الخاص “قانون الإجراءات”، لم ينص على التعويض من الحبس الاحتياطي من حيث المبدأ، وكان من الأجدر على المشرع اليمني، النص على قاعدة تصرح: “باستحقاق المحبوس احتياطيا للتعويض الشرعي والقانوني”، فيكون ذلك كافيًا من حيث المبدأ، لارساء قاعدة قانونية، تكون أساسًا يمكن للقضاة الاجتهاد عليها لإيجاد آلية؛ لنظر دعوى التعويض وتقدير التعويض والحكم به.

#خاتمة النتائج والتوصيات:
اولا: النتائج:
١- الدستور اليمني نص على التعويض في الفقرة الأخيرة من المادة (٤٨) كمبدأ دستوري عام.

٢- القوانين بصفة عامه، لم تنص على التعويض صراحة، وبالأخص التعويض عن الحبس الاحتياطي!

٣- قانون الإجراءات الجزائية نص في المادتين (٤٦٥ و ٤٦٦) على تعويض المحكوم عليه بصفة عامه، بما فيها التعويض عن الحبس الاحتياطي، وذلك  في حاله واحده محصورة ومقيدة بقيام المحكوم عليه بالطعن (بالتماس إعادة نظر)، اذا توافرت فيه شروطة القانونية، ونتج عن الالتماس نفسه صدور حكم جديد بالبراءه والغي الحكم السابق بالإدانة.

٤- قانون المرافعات نظم في المواد من (١٤٤ الى ١٥٦ مرافعات)، اللجوء الى طريق غير مباشر” متمثل بدعوى المخاصمة الشخصية”، وفق شروط وضوابط واجراءات خاصة نص عليها القانون، وذكرت احد مواده حق المخاصم في طلب التعويض، اذا كسب دعوى المخاصمة، على أن يكون التعويض على المتسبب سواء كان عضو نيابة أو قاض.

– ثانيا: التوصيات
أن الواقع العملي أثبت أن هناك إشکاليات في الحصول على هذا الحق، وهذا ما يقتضي أن نهيب بالمشرع اليمني، على تنظيم مسألة التعويض عن الحبس، وفق آليه تشريعيه ينص عليها قانون الاجراءات الجزائية، طالما وأن النص الدستوري يجيز ذلك، على أن تتناول البنود الاتية:

١- نقترح أن ينص التعديل القانوني، على ماهية الحبس التعسفي، سواءً ثبت بعدم وجود جريمة، أو عدم ثبوته على المتهم، أو بالقرار بالا وجه لاقامة الدعوى الجزائية، أو بالأمر بحفظ الاوراق، كذلك أن ينص التعديل، على مفهوم التعويض عن التوقيف الاحتياطي غير المشروع.

٢- نوصي أن يعالج التعديل، أساس الحق في التعويض عن الحبس ومشروعيته، وشروط التعويض عن الحبس غير المشروع، سواءً كان التعويض مادي أو معنوي.

٣- ندعو أن يتطرق التعديل، الى الجهة القضائية المختصة بنظر دعوى التعويض، وکيفية تقدير التعويض، والمسؤولية عنه، ومدى أنتقال الحق في التعويض إلى الورثة.

٤- نرى أن يستعرض التعديل، التعويض عن الحبس، في  حال حصول المتهم على حکم بالبراءة نصاً، ونعني هنا حالات: بالبراءة لعدم توافر الادلة، أو لانتفاء الجريمة، أو في حالة توافر سبب الإباحة، أو امتناع المسئولية، أما الحالات الاخرى: كأن يصدر حکم بالبراءه لعدم کفاية الأدلة، أو الإعفاء من العقاب، أو إنقضاء الدعوى الجنائية، أو لصدور حكم أو قانون يرفع وصف التجريم، أو لعدم الأهمية، أو لصدور عفو عام أو خاص، أو للبطلان في الاجراءات، فهنا لا يستحق التعويض.

٥- من المستحسن توجيه القضاة باستحداث طريقة عادلة، لتقدير قيمة التعويض عن الحبس غير المشروع، تحت قاعدة: (ما أصاب أو ما لحق المضرور من ضرر، وما فاته من كسب).
هذا اجتهادنا والله اعلم، وهو الموفق للصواب

✍️ المستشار/
د. صالح عبدالله المرفدي
عضو المحكمة العليا للجمهورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى